الحلقة الثانية رواية رجل النار بقلم الكاتب جبار الشمري
ضمن سلسة روائية بعنوان (أيام العناء )
أتكأَ على حافة ذلك الرصيف الذي يحكي تأريخ نشأة تلك المنطقة فالفتحات الأسمنتية كأنها ألسنة غلاظ لو سمح لها القدر لنطقت بهموم أهلها تأمل في دخان سكارته وهو يتطاير ممتزجا بذلك الغبار الموحش راسما ملحمة مضمونها الوجود و شخوصها النار والهواء
ماأنفك يسحب النفس تلوة الآخر لتصل لهبة أحتراق السكارة حدود الأصابع دون شعور منه ماضية حتى مقدمة الشارب ذي الشعرالكث دون هدنة منتفضة في حرقها الشفة من غير شفقة أو رحمة فالذي يتعطل قلبه تموت جوارحه فقط كلمة (عمي هاك الباقي☆) التي أصدرها ذلك الغلام من داخل الدكان لفتت أنتباه أبو الهنا
إي☆ جيبة ☆
الحذر وقلة الكلام والوقار الشديد من مميزات الرجل الفراتي☆ فقد ينتهي نهاره ولم تصدر من فاهه كلمة واحدة أن لم يوجه له سؤال أو يجبر على نقاش مع ضيف أو لحاجة ملحة فهو سياسة لدولة عظمى بحد ذاته لا تجيد كثيرا إصدار البيانات قدر ما تجيد إدارة الحروب والتسبب بالأزمات وهذا ديدن صاحبنا لازال يستأنس بسكارة أخرى اشعلها تبعا من رفات السكارة الأولى أبو الهنا يكره النهايات له طقوس خاصة ربما هي وليدة من ما تدرج عليه فالنهاية قد تعني الخسارة وهو بطبيعة الحال اعتاد على الربح حتى وأن كان بطرق غير مشروعة له فقهه وأحكامه الخاصة ربما يحلل حراما ويحرم حلالا وفق ما يطابق ميولاته وتصوراته وهو ناتج أيضا عن كونه لم يكمل تعليمه وأن كان خريجا جيد لمدرسة الحياة ومن أوسع أبوابها
نهض وتابع السير بخطوات مرتقبة تكاد تتلاشى داخل ذلك البيت الضائع بين البيوت العالية بعد أن أخذ المتبقى من نقود ثمت أشخاص نائمون في تلك الديوانية☆ الكبيرة هو يعرف مسبقا أنه مهما أصدر من صوت لإيقاظ الأشخاص المستلقين على أرضية الغرفة لن ينفع فملامح السهر والإجهاد واضحة على وجوههم وهو يعرف وسائل ايقاضهم فهم تربوا وتتلمذوا على يده فلا يحل شفرات الأشياء إلا بارئيها تناول أوعية الماء القريبة والتي كادت تكون فارغة فبدأ بجمع ما تحتويه من مياه وألقى على الضيوف الكرام زخة مطر مصطنعة مشعرهم بأنهم في أروقة شارع لا في باحة دار خالهم ☆ .


ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق